تعرف على قرية كرانة

أخي القارئ قد تفاجأ بهذا الاسم لأنه طرق سمعك لأول مرة قد تعرف عنة بالسماع ، ولم تتح لك الفرصة التعرف علية بزيارة القرية .

وقد تكون ممن يعيش في القرية وعرفت أشياء ، وغاب عن ذهنك أشياء أخرى فهل تأذن لي أن آخذك معي في جولة خاطفة نتعرف فيها ونكشف عن صدفة من أصداف خليجنا الحبيب و قد ألقاها كما ألقي العديد سواها على ساحلة الشمالي من دولة البحرين لؤلؤة الخليج !

تقع قرية كرانة في شمال غرب جزيرة المنامة ; ففي منتصف المسافة بين المنامة والبديع على الشريط الساحلي الشمالي لجزيرة البحرين ، تقع قرية كرانة يحدها من الشمال البحر ، ومن الجنوب شارع البديع ، ومن الغرب قرية جد الحاج ، ومن الشرق قريتي المقشع ، وحلة العبد الصالح .

و هي من القرى التي تشتهر بزراعة النخيل و الخضروات ; و تربية المواشي و الدواجن ، و هي تمثل شريط مساحته 3 كيلو متر مربع تقريباً ، ويحيطها عقد أخضر من جميع جوانبها يتمثل في مزارع الخضار ، وبساتين النخيل ، والتي يزيد عددها على 30 مزرعة ، وبستان قامت ، و لا تزال على السواعد السمر لأبناء القرية ، ويتراوح الإنتاج الزراعي من 10 إلى 15 % من إنتاج البحرين سيما من التمر ، و الخضار ، والبرسيم .

يبلغ تعداد سكانها حوالي 5000 نسمة معظمهم من الشباب .‏

وتستقطب الزراعة ما يزيد على 40 % من سكان القرية في الوقت الحاضر ، ولقد كان البحر بحرفه المختلفة من غوص ، وصيد السمك ، والحرف التابعة له كصناعة القراقير يتقاسم مع الزراعة سكان القرية فيما مضى حيث كان ما يزيد على 60 % من أبناء القرية يعملون في الزراعة ، وكان يخرج منها في كل صباح ما يربو على 70 حماراً محملة بمحاصيل القرية لتنتشر في المدن وقرى البحرين ، وكان الكثير يعمل كبقال ماشيا على قدميه أو على حمار .

ومع اكتشاف النفط وبروزه على المستوي الحضري في حياة أبناء البلد ، وتوفر العديد من الأعمال ترك الكثير من الناس البحر ، وبشكل أقل الزراعة ، وانصرفوا للعمل في صناعة النفط ، والأعمال الأخرى ، ولم يعد في الوقت الحاضر يستقطب البحر بأعماله ، والتي اقتصرت على الصيد في الغالب سوى ما يقارب 2% من سكان القرية .

ومن الناحية التاريخية قد كانت القرية منقسمة إلى قريتين في الماضي ، وهما قرية كرانة ، وكان جل سكانها من المزارعين ، ويسكنون في القسم الجنوبي من القرية حيث يتوفر الماء من المنابع المعروفة في القرية ، وهما عين الجن في الجهة الجنوبية الشرقية من القرية ، وسميت بهذا الاسم لكونها كما يقول كبار السن قد مات فيها الكثير من أبناء القرية الذين كانوا يسبحون فيها ، والوقع كان موتهم أما بسبب عدم معرفتهم للسباحة أو لكونهم قد اقتربوا من نبع قوي فترس الماء في ملابسهم من أسفل ليقلبهم رأس على عقب فظن الناس أن الجن هم الذين قلبوهم في قاع العين ، أو تعرف بعين العودة لكبرها حيث كانت تساوي ما يقارب من 50 متراً من الشرق إلى الغرب حالياً ، ولم يبقي فيها ما يساوي 50 قدماً من جهاتها الأربع .

أما العين الأخرى فقد كانت موازية لها في الجهة الغربية من القرية و تسمى عين فضل و قد اندثرت و دفن موقعها حالياُ ، و كانت كلتاهما تسقيان أهل القرية و مزارعها بواسطة نهرين يجريان بطول القرية من الجنوب إلى الشمال و يصب بقية الماء في البحر ويؤخذ الماء منهم لسقي الزراعة بواسطة الغراريف الصغيرة ، و قد استعاض الناس عنهما بالمياه المستخرجة من الآبار الإرتوازية و العيون الطبيعية الصغيرة التي تخص كل مزرعة على حدة و استبدلت الغّرافات بالشافطات الميكانيكية أو الكهربائية .

أما القرية الأخرى فهي الرقع أو ( الرقعة ) ، وسميت بهذا الاسم لكونها تجمعات من البحارة على الساحل بين بساتين النخل ، وكان سكانها جميعهم يعلمون في البحر ، وقد اندثرت ، وتحول أهلها إلى القرية الأم فسكنو القسم الشمالي من القرية ، والمعروف سابقا بالجبلة .

وكانت آخر عائلة هجرت الرقعة إلى القرية الحالية سنة 1954 م ، أدعوك للتعرف على ما قرأته بنفسك ، وستجد التزاوج الحضاري بين ماضي القرية ، و حاضرها فالقرية حديثة ، وبفضل جهود حكومتنا الرشيدة ، وعلى رأسها قائد نهضة هذا البلد المفضال سمو أميرنا المحبوب ، وبفضل الجهود المخلصة من سمو رئيس الوزراء الموقر ، وولي العهد الأمين ، وبقية أعضاء الهيئة التنفيذية الكرام أصبحت أشبه بقرية نموذجية تتمتع بالكثير من الخدمات العامة ، كالمجارى والإسكان ، والكهرباء ، و الاتصالات ، والماء .

افتتاح الكهرباء في قرية كرانة

وأقيمت فيها أول مدرسة ابتدائية للبنات في عام 1989 م ، وهي كما يشير المسئولون بانتظار مدرسة أخرى للبنين ، وكذلك مستوصف ، وكلنا ثقة في الله ، وفي جهود المخلصين من أبناء هذا البلد أن يتم ذلك في القريب العاجل .

وأكرر لك دعوتي لترى بعينيك التزاوج العجيب بين الماضي ، والحاضر بغير نشاز مؤذيا للبصر أو البصيرة ، فستري في قريتنا البيت على النسق القديم بحوشة الواسع وأبوابه ونوافذه الخشبية ، وبجانبه بيت حديث بقاعته المظلمة ، والقراميد ، ونوافذه ، وأبوابه من الألمنيوم ، وستري راكب السيارة بعقاله ، وكوفية ، وثيابه البيضاء ، ومن أمامه على نفس الشارع أو خلفه راكب حمار بإزاره ، وقميصه سواء كان بعربة أو بدونها ، والجميع متوكلا على الله يطلب رزقه فذلك لمكتبه ، وهذا لحقله أو للبحر .

وسترى عيون الماء الطبيعية التي تسربت الملوحة لمعظمها في معظم حقول القرية ، وبجانبها الآبار الارتوازية في حقول أخري ، ومياه الحنفيات في البيوت ، وترى الطلاب ، والطالبات ، والذين يبلغ عددهم 1500 نسمة تقريباً يذهبون لمدارسهم ، وكلياتهم ، وأطفال تحت سن السابعة يذهبون لتعلم القرآن في الكّتاب أو لروضتهم ، وهكذا لما تجاوز البحر المالح مع النخيل ، وأشجار الفاكهة فيها ، وتصالحوا على ذلك ، وأعطي كل منها من خيره تجاوب أبناء القرية وردد الجميع لحناً واحداً يروق للسامعين هو لحن العطاء ، والوجود الخالد ، فهل قبلت الدعوة لهذا العرس الجميل فنحن جميعاً نرحب بك في قرية كرانة .

 

إعداد الأستاذ علي حسن باقر

karranah كرانة

مجانى
عرض